a

الخميس، 26 يوليو 2018

الجدران الزرقاء........الجزء الثاني- رجل اخر

الجدران الزرقاء........الجزء الثاني-  رجل اخر 

الهرب ؟
غريبة تلك الكلمة ؟
أهرب مما أهرب منه أم أهرب إلي ما لا أعرفه ؟
هل الخوف يأتي مما نواجهه أو مما لم نواجهه بعد ؟
ازدرت لعابي بصعوبة بالغة والساحر يقترب مني
كانت أول مرة أري فيها الساحر من هذا القرب 
فاجئني لون عينيه الأبيض المائل إلي الرمادي قليلا ولا بؤبؤ فيها 
كأنها تراني من عالم آخر...تري اين ذلك العالم ؟
أما كلماته الآن فقد خمدت تماما ولكن يديه تتحرك نحو القلعة باستمرار ولكن حركة أصابعه توحي وكأنه يعزف لحنا ما غريب لا أسمعه 
نظرت إلي الأسفل فوجدت بحرا هائجا له زرقة خلابة لم ارها من قبل 
للبحر أسرار كثير 
حاولت كثيرا أن استمع له 
ولكن أخاف حورياته وقراصنته علي السواء 
لذا اكتفيت بالشاطئ دون التوغل 
والآن لا أتوغل في البحر ولكن في مكان مجهول وموحش ومخيف و.....لا أدري لماذا جئت ؟
لمحت ضحكة ما علي ثغر الساحر وأشار إلي عينيه بأصابعه ثم اشار إلي القلعة 
نعم اراها ولكن كيف أدخلها ؟
وهنا تمتم الساحر بكلمات عجيبة 
تراءي لي علي إثرها سلم فضي اللون يلتف حول القلعة بكاملها وكأنه ثعبان سحري يلتقم فريسته باحكام  
وأشعة الشمس تعكس كل زواياه فيبدو وأنه طريق مُعبّد إلي الجنة ويعكس البحر ضوء السلم بآلاف الأمواج الثائرة وكأنه يناديني كي أدخل 
غريب أنني أفهم كلمات البحر الآن !! أم أنه ينهاني ؟
التفت إلي حيث الساحر فلم أره
يمينا ويسارا ..كنت وحدي وصوت البحر والتماع السلم والتزاوج الفريد ما بين اللونين الفضي والأزرق خلق بداخلي تمازج ما في المشاعر مابين الرهبة والراحة
نظرت مرة أخري إلي أعلي فوجدته - الساحر - يقف فوق القلعة بشموخ وتحدي وهو يعقد يديه أمامه 
أحسست وكأنما السلم الفضي يمتد من جسد الساحر وليس القلعة 
أخافتني الفكرة ولكن سرعان ما أغمضت عيني وبدأت أتجه إلي حيث السلم الفضي
ومع كل درجة من درجاته كانت تطاردني من بعيد أغنية الساحر 
وكلما اقتربت منه كلما ازدادت فضولا وتساؤلا 
لماذا لم أدخل من باب القلعة وماذا يوجد بالأعلي ؟
لم تطل أسئلتي كثيرا لأن جدران القلعة وكأنها تتفاعل معي بألوانها 
أقسم أنني رأيت وجوه وطرق وشوارع وأنا أصعد علي السلم وكأنها مرسومة علي جدرانها
لم ألحظ قط أن جدران القلعة تتغيرصورها بهذه السرعة 
وكأن ارواح ما بها 
أو تكون القلعة حية ؟
تسمرت في مكاني حينما لمس الساحر يداي
كانت يداه باردة وعينتاه الرماديتين ترمقني ب...لا أدري إن كان ترحيب أم صرامة 
كنت أود أن أتأمله عن قرب ولكنه أدار وجهه لي واقتربت كثيرا قبعته البيضاء الكبيرة مني وهو يردد
هلم ها هنا حيث قلعتي الزرقاء
هلم ها هنا حيث الحلم والنقاء
هلم ها هنا بعيدا عن الشقاء
هلم ها هنا وستحب البقاء
هنا ستطير علي جناح العنقاء
وتثمل من نبيذ شفاه عذراء
وتستحيل كل ضراء بي سراء
هنا بين جنبات جدراني الزرقاء
وأشار إلي أن أتبعه
مشيت ورائه وأنا أضيع في تفاصيل الجدران الحية إذا جاز لي القول
هل لها صوت أم أن السحر يتملكني فلا أستطيع أن أحكم ؟
هنا قاطع الساحر كلماتي وقال بصوت هادئ : عليك أن تختار اسما ما فهنا عالم آخر
لم أفكر لأنه أضاف سريعا : آدم ...سيكون جميلا هذا الاسم وأنت الأول
حاولت أن اقول له أن هناك آخرون علي الجدران ولكنه ناولني مفتاح غريب الشكل وقال : مفتاحك يا آدم ...ماذا تعتقد أنك ستري ؟
أمسكت المفتاح الأزرق وحاولت أن اقرأ نقوشه ولكن بلا جدوي
ربت الساحر علي كتفي وأشار إلي أبواب بيضاء كثيرة تتراص أمامي وتتحرك كلها في اتجاه واحد وكأنها فرص لا تعود مجددا
حاولت أن أحصيها ولكن كل الأبواب تتشابه
هنا حاولت أن اقول شيئا فتوجهت إلي الساحر وقلت : هلا تختار لي واحدا ؟
ضحك الساحر بصوت كالفحيح وقال : كل الأبواب تتشابه ولكنها لا تؤدي بالضرورة إلي نفس العالم
سألته : عالم ؟ هل تقنعني أنني ما أن أدخل غلي أحد تلك الأبواب سأنفصل عن العالم ؟
تحرك بالقرب مني ليهمس في أذني : أي العوالم تقصد ؟
جاوبته مسرعا : عالمنا ه....ولم أكمل ... اختلت الفكرة للحظة في رأسي
حاولت أن أنظر ورائي كي أري الجزيرة فلربما تكون آخر مرة
الغريب أنني لم أراها وكذا السلم الفضي ..اختفي
كانت الأبواب تحيط بي من كل جانب وكأنها تود أن أختارها
رفع الساحر يدي الممسكة بالمفتاح وقال : هيا آدم لا تخف ..لن تندم ..أعدك
ضحكت ... كيف لي أن اصدق ساحرا بينما نصف أهل الجزيرة كاذبون بالسليقة والنصف الآخر تعلم الكذب كي يحيا
أدخلت المفتاح في أول باب قابلني وانتظرت هواجسا سوداء
كانت زرقة المفتاح تنتقل برفق إلي الباب وكأن شرايين ما امتدت من المفتاح إلي الباب الذي تغير لونه وامتزجت نقوشه المفتاح بنقوش الباب وأحدث صريرا مريعا ارتجفت منه وحاولت الا أتقدم أكثر لكن قدمي لم تتطاوعني ودخلت
أصبت بالاحباط
لا شئ مخيف
لا شئ جيد أيضا
فقط مرايا ومرايا ومرايا ولكن الغريب هو أنني لا أري انعاكسي عليها
أين أنا ؟ وأين الساحر ؟
ظهر الساحر من وسط لا مكان
واقترب من وجهي بيداه وقال : دعني أختار لك شكلا يليق بآدم
أحسست بحرارة ما علي وجهي ونظرت غلي المرآة ..مازال لا يوجد انعكاس لي عليها
وانتقلت يداه إلي جسدي ورأيت ثيابا ما زرقاء تلتف حولي ثم قدمني هو إلي مرآة أمامي لأري نفسي
شهقت من المفاجأة
كنت فارسا نبيلا كما صورة أحتفظ بها من كتاب قديم لجدي يحكي تاريخ الأجداد
نظرت إلي حيث الساحر لأشكره فوجدت جوادا أبيضا يصهل في قوة يهرول مسرعا إليّ
ومن ورائي أمسكني الساحر من خصري وارتفع بي لكي أمتطي ظهر الجواد
أمسكت اللجام وصهل الجواد بقوة وصرخت في جذل وانطلقت إلي حيث أريد أو بالأحري يريد هو
مضي مسرعا في طريق ضيق جدرانه أيضا زرقاء بها بعض النقوش المتحركة ولكنها كانت أكثر وضوحا من السابق
العجيب أن بها نقشا يشبه الجواد الذي أمتطيه و..عجبا ...يبدو من هيئة الفارس أنه أنا
ما معني هذا ؟
لم يعطي لي الجواد الفرصة وانطلق بسرعة أكبر لأكتشف هذا العالم العجيب
انطلق عابرا ذلك النفق الضيق إلي مكان آخر أكثر رحابة وبهاء
توقف الجواد علي ضفة نهر أزرق بلون السماء علي صفحاته ورود بيضاء أغراني جمالها
دبدب الجواد بحوافره لتتصاعد وردات زرقاء من الأرض أخذت واحدة واستمتعت بعبيرها الآخاذ إلي حد أنني أغمضت عيني وحاولت أن أهدأ قليلا ولكن ...أحدهم سرق مني الوردة عنوة ومضي
فتحت عيني فجأة لأري من هذا الذي سر....رباه !!! من هذه الحسناء ؟
كانت تقف علي مقربة مني مبتسمة ابتسامة سحرتني
مرتدية ثوبا أزرقا رائعا عاري الصدر طويلا يخفي قدميها بتنورة زرقاء تحمل آلاف الأعين لطائر الطاووس يبرز بياض جسدها المرمري وتمسك بالوردة لتشم عبيرها
ولكني أعتقد أن الوردة هي من تلتهم عبيرها وأنفاسها
اقتربت أكثر لأسألها من هي ؟
ولكنها أول من تحدثت قائلة بصوت عذب وهي تهز شعرها حالك السواد : لديك حلة فارس أنيقة ....أعجبتني ..أعشق الفرسان المرتحلين بلادا وطرقا ودروبا ليستكشفوا المجهول كما أنت يا أنيق
تعجبت قليلا من كلمة يا أنيق ولكن تذكرت هيئتي الجديدة فاقتربت منها وقلت في هدوء : بل أنت أيقونة الأناقة ها هنا
كانت تنظر مباشرة إلي عيني وقد خلبت نظرتها عقلي فنظرت إلي النهر واتجهت إليه مسرعا والتقطت وردة بيضاء وعدت إلي الحسناء وعلقت الوردة علي أذنها اليمني فابتسمت في خجل وقالت : "تصرفك راق كما مظهرك يا ...."وقبل أن تكمل سمعت صوت معزوفة ما فاتجهنا بنظرينا نحن الاثنان إلي حيث الصوت فوجدت الساحر يمسك بآلة عجيبة الشكل ويعزف عليها وهو ينظر إلي السماء
سألتها وأنا أتابع الساحر : تعرفينه ؟
أومأت برأسها أن نعم
مددت يديي إليها أن نرقص ؟
اقتربت مبتسمة وعلقت وردتها الزرقاء في حلتي بنعومة وأنا أراقبها في دلال ثم نظرت لي وهمست : الآن ..نرقص
لا أدري هل يسمعنا الساحر ام لا ؟ لكني شعرت بأن الموسيقي صارت أجمل أو أن تلك الموسيقي خُلقت لها
لأنها كانت تتمايل في جذل وكأن الموسيقي تعزف روحها الرقيقة
وكنت أحيطها بيديي وكأني أود لو احتوي كل تلك الطاقة الهائلة المنطلقة منها
أمسكت يديي وابعدتهما قليلا ودارت حولي كثيرا وكثيرا وكأنها انزوت إلي عالم خاص بها
ثم توقفت فجأة واقتربت مني فوجدت يداي تتعانق مع جسدها وكأنها آلة موسيقية عذراء تعزف لحنا للمرة الأولي
آلة موسيقية ابهرت عازفها بصوتها العذب فقرر ألا يتوقف
كانت همساتنا تتلاقي فتزيدني دفئا
وكانت لمساتنا تتقارب فتزيدني سحرا
ولا أدري متي أتت الفراشات لتحيط بنا
ولا أدري كم من الوقت مضينا نرقص
فقط كل لحظة تمر عليّ كنت أشعر بأن الكون كله يرقص معنا
أو بالأحري حينما ترقص هي
 تهتز الأرض طربا وتتمايل الوردات بعاصفة احساسها وتتكاثر موجات النهر علي ضفاته لمشاركتها وتحنو عليها السماء وتهطل أمطارا رقيقة تبلل جسدها الغض وتنعش روحي من جديد
كانت تنتفض فرحة وسعادة
وكانت دقات قلبي تنبض سرورا
تمنيت لو عانقتها وأتذوق نبيذ السحر في شفتيها
لكن كل شئ اختفي بغتة
فقط كنت ممددا علي أرض صلبة قاسية والشمس تلهب عيناي وشئ ما في يدي
تحسسته فكأنه المفتاح السحري الذي دخلت به إلي ......هل كنت أحلم أم أنني بالفعل كنت بداخل القلعة ؟
قمت وسط الصمت محاولا أن أعرف أين أنا؟
ضجيج البحر أعلمني أنني في مكان قريب من القلعة
إذا انا خارجها ؟
هل أدخل مجددا أم أنني فعلت شيئا ما لأخرج منها بتلك الطريقة ؟
وقفت صامتا أرقب القلعة الزرقاء وتمنيت لو أري الساحر لأسأله عما حدث ؟
لكنه لم يظهر
حاولت العودة من حيث أتيت وأنا أنظر إلي المفتاح وأتابع نقوشه وكانني أبحث عنها وسط تلك النقوش
إذا كنت أهذي فهذا المفتاح يقول أن ما حدث كان حقيقيا
كانت معي وكنت هناك
آلاف الأسئلة بلا اجابة
ولا اجابة واحدة تنهي الأسئلة
لم أعد إلي البيت
وذهبت إلي المتجر بالسوق مباشرة
لكني وجدت صديقي هناك ينتظرني
نظرت له متسائلا فقال لي أنه قلق عليّ لأنني لم افتح المتجر بالأمس
الأمس ؟
كيف هذا ؟ هل قضيت طيلة يومين في القلعة ؟
بالقطع لم أخبره بشئ لأنني لست بحال جيدة لتقبل اتهامات الجنون
لكنه سألني إن كنت قد دخلت القلعة ؟
قلت له : وما جدوي سؤالك ؟
أجابني قائلا : " اختفاؤك بعدما قلت لي أنك تود الذهاب إلي هناك كما أن هناك عجوز دارت بالسوق أمس وتقول أنها دخلت القلعة وقابلت هناك فتي وسيم وموسيقي كانت تُعزف  وكانت تمسك بمفتاح عجيب الشكل  و......" ولم استمع إلي كلماته التالية
يومين  ؟
عجوز بالسوق دخلت القلعة ؟
مفتاح عجيب الشكل؟
فتي وسيم ؟
موسيقي ؟
ما معني هذا ؟
يتبع 

الأربعاء، 25 يوليو 2018

الجدران الزرقاء........الجزء الثاني

 الجدران الزرقاء........الجزء الثاني


الهرب ؟
غريبة تلك الكلمة ؟
أهرب مما أهرب منه أم أهرب إلي ما لا أعرفه ؟
هل الخوف يأتي مما نواجهه أو مما لم نواجهه بعد ؟
ازدرت لعابي بصعوبة بالغة والساحر يقترب مني
كانت أول مرة أري فيها الساحر من هذا القرب 
فاجئني لون عينيه الأبيض المائل إلي الرمادي قليلا ولا بؤبؤ فيها 
كأنها تراني من عالم آخر...تري اين ذلك العالم ؟
أما كلماته الآن فقد خمدت تماما ولكن يديه تتحرك نحو القلعة باستمرار ولكن حركة أصابعه توحي وكأنه يعزف لحنا ما غريب لا أسمعه 
نظرت إلي الأسفل فوجدت بحرا هائجا له زرقة خلابة لم ارها من قبل 
للبحر أسرار كثير 
حاولت كثيرا أن استمع له 
ولكن أخاف حورياته وقراصنته علي السواء 
لذا اكتفيت بالشاطئ دون التوغل 
والآن لا أتوغل في البحر ولكن في مكان مجهول وموحش ومخيف و.....لا أدري لماذا جئت ؟
لمحت ضحكة ما علي ثغر الساحر وأشار إلي عينيه بأصابعه ثم اشار إلي القلعة 
نعم اراها ولكن كيف أدخلها ؟
وهنا تمتم الساحر بكلمات عجيبة 
تراءي لي علي إثرها سلم فضي اللون يلتف حول القلعة بكاملها وكأنه ثعبان سحري يلتقم فريسته باحكام  
وأشعة الشمس تعكس كل زواياه فيبدو وأنه طريق مُعبّد إلي الجنة ويعكس البحر ضوء السلم بآلاف الأمواج الثائرة وكأنه يناديني كي أدخل 
غريب أنني أفهم كلمات البحر الآن !! أم أنه ينهاني ؟
التفت إلي حيث الساحر فلم أره
يمينا ويسارا ..كنت وحدي وصوت البحر والتماع السلم والتزاوج الفريد ما بين اللونين الفضي والأزرق خلق بداخلي تمازج ما في المشاعر مابين الرهبة والراحة
نظرت مرة أخري إلي أعلي فوجدته - الساحر - يقف فوق القلعة بشموخ وتحدي وهو يعقد يديه أمامه 
أحسست وكأنما السلم الفضي يمتد من جسد الساحر وليس القلعة 
أخافتني الفكرة ولكن سرعان ما أغمضت عيني وبدأت أتجه إلي حيث السلم الفضي
ومع كل درجة من درجاته كانت تطاردني من بعيد أغنية الساحر 
وكلما اقتربت منه كلما ازدادت فضولا